بقلم المهندس: طارق بدراوى
الدير البحرى عبارة عن مجموعة من المعابد والمقابر الفرعونية المتواجدة على ضفة النيل الغربية بالأقصر في منطقة جبلية تقع أمام منطقة وادى الملوك التي تتواجد بها عدة مقابر لفراعنة مصر القديمة وتلك المناطق هي التي يتوافد إليها السياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدة الآثار الفرعونية الخالدة ولكي يتعرفوا على الحضارة الفرعونية العظيمة كما تسمح وزارة السياحة المصرية بالصعود بالمناطيد الجوية فوقها والاستمتاع بمشاهدة المعالم التي يعود عمرها إلى أكثر من 3500 عام من أعلى وتعود تسمية المنطقة بإسم الدير البحرى إلي منتصف القرن السابع الميلادى بعد الفتح الإسلامي لمصر حيث كان الأقباط قد اتخذوا المعابد المتواجدة بالمنطقة ديرا لهم فتم إطلاق هذا الإسم علي تلك المنطقة والتي تضم 3 معابد هي معبد منتوحتب ومعبد حتشبسوت وهو أهمها وأكبرها وأشهرها ومعبد تحتمس الثالث بالإضافة إلي مخبأ مقابر الدير البحرى …..
وبخصوص معبد منتوحتب فقد بناه فرعون مصر منتوحتب الثاني وهو ينتمي إلى الأسرة الحادية عشر المنتمية للدولة المصرية الوسطي وكان أول من استغل تلك المنطقة حيث أمر ببناء معبد قرب مقبرته التي بناها في حياته وكان الطريق إليها محاطا بتماثيل حجرية ملونة له علي جانبيه وكان هذا المعبد هو أول معابد الأسرة الوسطي علي الضفة الغربية لمدينة طيبة العاصمة وهي مدينة الأقصر الآن وتميز هذا المعبد بتصميم فريد يختلف عن ما سبقه من المعابد التي بنيت قبله كما خصص الفرعون منتوحتب الثاني مساحات في الأماكن المحيطة بالمعبد لكي يبني فيها مقابر لزوجاته وأولاده وقواد جيشه وللنبلاء المقربين
أما معبد حتشبسوت وهو الأهم والأكبر والأشهر كما ذكرنا فقد أنشأته الملكة حتشبسوت الإبنة الكبرى لفرعون مصر تحتمس الأول وهي من الأسرة الثامنة عشر المنتمية للاسرة الحديثة بجانب معبد منتوحتب وقد وضع تصميمه المهندس الفرعوني المعروف سنموت والذى منحته العديد من الألقاب تكريما له وكان يسمى بقدس أقداس آمون ويتميز هذا المعبد بكبره وبتصميمه المتميز فقد إستخدم سنموت في بنائه الحجر الجيرى الجيد وبناه علي مسطحات كبيرة تشبه الشرفات يعلو أحدها الآخر ويتم الوصول من أحدها للآخر بواسطة طريق منحدر أولها يقودنا إلى مدخل المعبد والمسطح الأول وعلي جانبيه تماثيل للملكة حتشبسوت علي هيئة أبو الهول وكذلك تمثالان للملكة حتشبسوت علي هيئة الإله أوزير إله العالم الآخر في مصر القديمة إرتفاع كل منهما 7 متر والمسطح الأول عبارة عن فناء مكشوف كان يضم مجموعة من الأشجار التي جلبتها البعثة التجارية التي أرسلتها الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت بقارة أفريقيا وهي بلاد الصومال الحالية وعلي يمين ويسار المدخل شرفتان يحمل سقف كل منهما عدد 22 عمود وتوجد علي حوائطهما نقوش من أرقى وأبدع وأروع النقوش منها نقوش تسجل مشاهد نقل مسلتين من أسوان إلى معبد الكرنك ونقوش تسجل مشاهد لصيد الطيور بالشباك ويتم الانتقال من هذا المسطح للمسطح الثاني بواسطة منحدر صاعد عرضه 10 متر في بدايته تمثالان لأسدين يحرسان الطريق والمسطح الثاتي أيضأ عبارة عن شرفتين يمين ويسار مدخله يحمل سقف كل منهما عدد 22 عمود أيضا وعلي حوائط الشرفتين نجد نقوش تسجل أخبار البعثة التجارية التي أرسلتها الملكة حتشبسوت إلي بلاد بونت المشار إليها وإلى الجنوب من الشرفة الثانية يوجد معبد صغير تم تخصيصه لعبادة الآلهة حتحور في صورة بقرة وجزء من هذا المعبد منحوت في الصخر ويحتوى علي صالتين بكل منهما 16 عمود ويليهما مدخل يؤدى إلى صالة أخرى بها 12 عمود ذات تيجان ملونة وسقفها يمثل السماء والنجوم وعلي جدران هذه الصالة نقوش عبارة عن مشاهد لقوارب تحمل تماثيل الآلهة حتحور عبر النيل وكذلك نقوش لمشاهد تمثل بعض الجنود وعلي يمين الشرفة اليمني يوجد مايسمي بهيكل أنوبيس وقد سجلت على جدرانه مشاهد تمثل ولادة الملكة حتشبسوت ومشاهد من حفل تتويجها ومن سلم صغير على يسار هذا الهيكل يتم الوصول إلى صالة قدس أقداس آمون سيد الآلهة ذات السقف المقوس ومن المسطح الثاني ننتقل إلى المسطح الثالث عبر منحدر صاعد وهو مكون من جزئين أولهما عبارة عن صالة بها صفين من الأعمدة كان بها تماثيل للملكة حتشبسوت علي هيئة الإله أوزير ولكن تم إزالتها في زمن الفرعون تحتمس الثالث الذى خلفها أما الجزء الثاني من المسطح الثالث فهو عبارة عن مسطح ضخم من الجرانيت الوردى يوجد به خراطيش لتحتمس الثالث وإلي جانب ماسبق يشمل المعبد مقصورتين صغيرتين هما مقصورة آمون رع ومقصورة معبد الشمس وقد أقام الأقباط في أول عهد المسيحية فيه ديرا واستمر هذا الدير حتي القرن الحادى عشر الميلادى أى أكثر من 1000 عام وفي القرن التاسع عشر الميلادى عمل عالما المصريات الفرنسيان أوجوست ميريت وإدوارد نافي علي إزالة بقايا الدير الذى كان قد تهدم لرؤية ماتحته فتم الكشف عن هذا المعبد الهام
وبخصوص المعبد الثالث وهو معبد تحتمس الثالث فقد بناه فرعون مصر تحتمس الثالث الذى خلف عمته الملكة حتشبسوت بين معبدى منتوحتب وحتشبسوت خلال السنوات الأخيرة من حكمه في خلفيتهما وهو أصغر منهما كثيرا ويقع علي هضبة عالية ويبدو الإعجاز الهندسي في بناء هذا المعبد في أن محوره يتجه تماما في إتجاه معبد الكرنك الواقع علي الضفة الشرقية للنيل والذى أضاف داخله تحتمس الثالث المعبد المسمى بمعبد أخ منو
وأخيرا بالنسبة إلى مخبأ مقابر الدير البحرى فقد تم اكتشافه عام 1871م ويعود تاريخ تلك المقابر إلي عصر الأسرة الحادية والعشرين وعثر بها علي المصاغ والحلي الذهبية الخاصة بالموتي وقرابينهم ونحو 40 مومياء لبعض ملوك الأسر من السابعة عشر وحتي الحادية والعشرين وزوجاتهم ولبعض الوزراء وقواد الجيوش ورؤساء الكهنة ومن الطريف أن من عثر علي هذا المخبأ شخص إسمه أحمد عبد الرسول هو وأسرته وكتموا سر هذا الكشف الأثرى الهام وكانوا يقومون ببيع المصاغ والحلي الذهبية شيئا فشيئا حتي وصلت أنباء هذا الكشف الأثرى إلي المسؤول عن الآثار المصرية حينذاك عالم المصريات الفرنسي مسيو جاستون ماسبيرو فقام اتخاذ الإجراءات اللازمة لضم تلك المقابر إلى قائمة الأثار المصرية للحفاظ على مابها وإيقاف عملية بيعها وقد عاقب مسيو جاستون ماسبيرو مساعده المسؤول عن آثار منطقة الأقصر لحدوث هذا الأمر دون أن ينتبه إليه ويتخذ الإجراءات اللازمة في مثل هذه الأمور حفاظا على كنوز ملوك فراعنة مصر القدماء التي لاتقدر بمال